recent
أخر الأخبار

مفاوضات متعثرة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي حول مرحلة ما بعد "بريكست"

مستقبل العلاقات التجارية بين الطرفين بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي باتت الآن عند منعطف حاسم. والمفوض الأوروبي: الاتفاق حول مرحلة ما بعد بريكست لا يزال "غير أكيد" قبل شهر من انتهاء المهلة. 

بعد 8 أشهر من المحادثات الشاقة في خضمّ جائحة كورونا، بدأ الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، الجولة الأخيرة من المفاوضات حول مرحلة ما بعد "بريكست"، للتوصل في إلى اتفاق تجاري غير مسبوق، أو في خلاف ذلك، إلى فشل سياسي مرير.

وقال كبير المفاوضين الأوروبيين مع بريطانيا ميشال بارنييه الأربعاء للدول الأعضاء في الاتحاد إن اتفاقا تجاريا مع لندن "لا يزال غير أكيد" قبل شهر من انتهاء المرحلة الانتقالية التي تلت بريكست، على ما أفادت مصادر أوروبية.

ووفقاً لمصادر يورونيوز : "يعجز بارنييه عن القول إن كانت شروط الاتفاق ستكون متوافرة في الأيام المقبلة". وأوضح مصدر ثان أن "قدرة المفاوضين اليوم على تجاوز" اختلافاتهم حول نقاط الخلاف الثلاثة (صيد الأسماك وشروط المنافسة العدالة وحوكمة الاتفاق المقبل) "لا تزال غير واضحة".

وفي غياب اتفاق في هذا التاريخ لتنظيم العلاقة بينهما، سيطبق الجانبان قواعد منظمة التجارة العالمية ما قد يفضي إلى صدمة اقتصادية جديدة تضاف الى تلك التي سببها فيروس كورونا.

واستؤنفت المفاوضات في لندن في نهاية الاسبوع على أن تستمر يومي الأربعاء والخميس.

وذكرت مصادر اوروبية عدة أن سفراء دول أعضاء أبلغوا بارنييه أنهم يشعرون ب"الإحباط" و"التوتر" لأن المفاوضات تراوح مكانها خصوصا الدول المعنية باتفاق حول الصيد مع بريطانيا (فرنسا والدنمارك وهولندا وبلجيكا).

 قلق الدول الأعضاء

وخرجت بريطانيا رسمياً من الاتحاد الأوروبي في 31 كانون الثاني/يناير 2020، إلا أن تأثير الانفصال لن يظهر قبل الأول من كانون الثاني/يناير 2021، بعد انتهاء الفترة الانتقالية التي يُفترض أن يتواصل خلالها تطبيق المعايير الأوروبية.

وفي هذه الفترة أيضاً، تعهّدت لندن وبروكسل بإبرام اتفاقية تجارية باسم "لا رسوم جمركية، وصفر حصص"، للحدّ قدر الإمكان من العواقب السلبية لـ"بريكست" والتي لا يمكن تجنّبها. لكن قبل أقل من 50 يوماً من نهاية العام، تراوح المحادثات مكانها رغم أنها مكثفة.

ويعتبر دبلوماسي أوروبي أن "المنطق والعقل يجب أن يسمحا بالتوصل إلى اتفاق". ويتابع: "لكن ما اتضح خلال السنوات الأخيرة، هو أن المنطق الاقتصادي والحسّ السليم لا يكفيان لشرح ما يحصل في ملف بريكست".

من الاستفتاء على بريكست في حزيران/يونيو 2016 إلى التوصل في نهاية العام 2019 في اللحظة الأخيرة إلى اتفاق ينصّ على خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، مروراً بالقانون البريطاني الذي يشكك بالاتفاق نفسه، كان مسلسل الانفصال مليئاً بالتقلبات

وقالت مصادر أوروبية عدة إن بارنييه شدد خلال الاجتماع على الموقف الذي أعلنت عنه الخميس رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، أنه من المستحيل حالياً القول ما إذا كان الطرفان سينجحان في التوصل إلى اتفاق أو لا.

وفي مؤشر على قلق الدول الأعضاء من الوضع، طالب سفراؤها بـ"الإجماع" خلال الاجتماع بأن تنشر المفوضية الأوروبية "من دون تأخير التدابير الطارئة والمقترحات التشريعية" التي سيجري العمل بها في حال عدم التوصل لاتفاق، كما أوضح دبلوماسي أوروبي. 

وترفض المفوضية حتى الآن الكشف عن تلك الوثائق في خطوة تهدف إلى عدم إرسال إشارات سلبية إلى البريطانيين.

لا يزال المفاوض البريطاني ديفيد فروست في الأثناء مقتنعاً بأن التوصل لاتفاق "يبقى ممكناً". وكتب في تغريدة "لكن حتى يكون الاتفاق ممكناً، ينبغي أن يحترم سيادة المملكة المتحدة بشكل كامل".

ولم يعد أمام لندن وبروكسل إلا وقت قليل، بل "بضعة أيام" للتوافق على اتفاق يفترض أن يدخل حيز التنفيذ في 1 كانون الثاني/يناير المقبل، التاريخ الذي تتوقف فيه المملكة المتحدة عن تطبيق المعايير الأوروبية تماماً بعد خروجها الرسمي من الاتحاد في 31 كانون الثاني/يناير الماضي.

صدمة اقتصادية جديدة 

ويواجه الطرفان خطر صدمة اقتصادية جديدة في حال عدم التوصل لاتفاق، تضاف إلى الصدمة التي تسببت بها تداعيات وباء كوفيد-19.

ما يزيد الأمر تعقيداً، هو ضرورة مصادقة البرلمانين الأوروبي والبريطاني على اي اتفاق يجري التوصل إليه. ويعتزم البرلمان الأوروبي تخصيص الأيام الأخيرة من شهر كانون الأول/ديسمبر للمصادقة.

تبقى المفاوضات التي انطلقت في آذار/مارس عالقة عند ثلاث نقاط: وصول الصيادين الأوروبيين إلى المياه البريطانية، الضمانات التي ينبغي على البريطانيين تقديمها في مجال المنافسة، وطريقة معالجة الخلافات في أي اتفاق مقبل. وقال بارنييه في تغريدة أعلن فيها توجهه إلى العاصمة البريطانية "نقاط الخلاف المهمة نفسها لا تزال قائمة".

وقبل وصوله إلى المملكة المتحدة، أجرى بارنييه محادثات مع وزراء الصيد البحري في الدول الثماني المعنية أكثر من غيرها في هذه المسألة الحساسة، بينها فرنسا وهولندا والدنمارك.

وذكر مصدر أوروبي "يعود بارنييه إلى لندن لأن مسألة الانسحاب من المفاوضات قبل أيام من الموعد النهائي غير مطروحة بالنسبة للأوروبيين، لكن ذلك لا يغير شيئاً طالما أن (رئيس الوزراء البريطاني بوريس) جونسون متشبث بموقفه".

وأضاف "لدى الأوروبيين شكوك برغبة جونسون بالتوصل لاتفاق". وردّ جونسون بالقول إن "إمكانية التوصل لاتفاق يحددها بشكل أساسي أصدقاؤنا وشركاؤنا الأوروبيون"، معتبراً أن بلده قادر على "الازدهار" حتى بدون اتفاق.

الخروج بلا اتفاق سيزيد أعباء المملكة 

وسيتسبب الخروج من الاتحاد من دون اتفاق، بمزيد من التداعيات للاقتصادات المتضررة أساساً جراء وباء كورونا، لكن بشكل أكبر للاقتصاد البريطاني، إذ إن المملكة المتحدة تصدّر 47% من منتجاتها إلى القارة، في وقت لا يصدر الاتحاد سوى 8% من بضائعه إلى بريطانيا.

وفي حال الانفصال بدون اتفاق، تعتبر لندن أن 7 آلاف شاحنة يمكن أن تعلق في منطقة كينت، لحوالى يومين من أجل عبور النفق.

وقال وزير الخارجية الإيرلندي سايمون كوفيني مؤخراً، إنه "إذا لم نتمكن من إبرام اتفاق، سيمثل ذلك فشلاً كبيراً للسياسة والدبلوماسية".

ولا تزال المفاوضات التي بدأت في آذار/مارس، تتعثر حول ثلاث نقاط : السماح للصيادين الأوروبيين من دخول المياه الاقليمية البريطانية والضمانات التي يطالب بها البريطانيون في مجال المنافسة وطريقة تسوية الخلافات في الاتفاق المقبل.

في ما يخصّ المنافسة، يريد الاتحاد الأوروبي التأكد من أن المملكة المتحدة لن تنحرف عن المعايير البيئية والاجتماعية النافذة، بالإضافة إلى أنها لن تقدم مساعدات لشركاتها بشكل غير محدود، فيما هو مستعد لفتح أمامها سوقه التي تضمّ 450 مليون مستهلك.

في حال لم يتمّ احترام ذلك، يرغب الاتحاد في فرض عقوبات فورية لحماية شركاته، الأمر الذي ترفضه لندن.

ويوضح دبلوماسي أوروبي أنه "إما أن يوافق البريطانيون وننتقل إلى مفاوضات صعبة بشأن الصيد، أو أن يرفضوا وسنكون قد تخطينا الوقت المتاح، وحينذاك لن تتوصل المفاوضات إلى أي نتيجة".

وتنتهي المرحلة الانتقالية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 31 ديسمبر (كانون الأول) وستحتاج المملكة المتحدة وأوروبا إلى اتفاق تجاري لتنظيم العلاقات بينهما أو ستكون هناك فوضى اقتصادية.

مفاوضات متعثرة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي حول مرحلة ما بعد "بريكست"

المصدر وكالات

هاشتاغ هولندا

google-playkhamsatmostaqltradent